الاثنين، 31 يناير 2022

رحلة بلا حدود بقلم الشاعر كامل حسنين

...و... "رحلة بلا حدود" من مصر يرويها فقير إلى ربه يدعى "كامل حسانين"...و...
تأسرها كلماته وتملك كيانها وهو ينشد:
-كانت تحمله بجناح الشوق 
والسعد يهل كبريق التوق
 فكم تغفو المنى في راح الزمن 
و من عمق القلب ترنيمة ذوق
هي آلة زمن كم عبرت حدا 
من غور صعدت و هبطت من فوق.
تبسم "الرحالة" هائما  يصول و يجول في محيط و ساح و روض فكره ينسج من خياله الحسن والأمل ،يدق قلبه في رفق ،ثم يعود ليثور فتهدأ من روعه الزهور وتلك " حسناء الخصال" التي تعشقه،وها قد تجلى وهو يرسم الحرف ويتخير له موضعه ثم  يستطرد و يردف منشدا في همس لا تكاد تصل فيه أسماعه  لأنين و حنين خطرات وعبرات قلب يحمله بين جنبيه  :
-قد غرد طير في الأيك و غنى
أحزان بعدت كم ولت عنا 
ولكل حلم يسعى لينال
إياه طويلا فمضى و تمنى
فيجد و يعمل و يزيل اليأس
و يظن الخير كي يحيي السنه .  
قال (الحكيم)  في هدوئه المعهود  و بشاشة و جهه تتجلى منها  الضياء:
- يالك من رائع يا "رحالة "،وواصل "الحكيم" مكركرا وقال في دعابة خفيفة جميلة:
- خذ هذه مني...وشرع يقول والبسمة لا تفارق ثغره :
-في هذي رحلة عامل و فقير 
و أمير قوم حاكم و خفير 
وفيها أمل  و برفقة عمر 
و الكوخ يبدو وفي القصر سرير 
و الأيك تجلى  بغصون الشجر  
و طلع لديه و ما به التصوير
وبه الهيام مع المنى و جميلة 
ونهر وبحر و روضة و غدير
و بها ثناء و عاصم و زليخة 
وقد تجلت عند العيون هدير.
هتفت الجموع تحييه و الطيور تردد درره و تتبع أثره
 حتى تحول المشهد بآلة الزمان المتحولة المتقلبة ،لتتفاعل الجزيئات الزمنية و المكانية وتحدث صفيرها المرعب  حيث
انتفض (الرحالة ) في ثورة عارمة وهو يبعد عنه تلك الكتلة الحية الهائلة و التي انقضت عليه في شراسة بالغة و (قبطان) يحملق و الدهشة تتسع لها عيناه في استغراب انتابه وشل فكره و حركته، حتى تمالك الأخير زمام نفسه هاتفا بصوت عال جهير وهو يحمل كل علامات الحنو و العطف والخوف على أصدقاء  دربه:
- حذار يا (رحالة)، حذار يا "سندباد" ،انتبهي "حسناء الخصال" ،إنه أسد غادر.
استدار (الرحالة ) في مرونة عالية يحسد عليها مطوقا عنق (الأسد) في قوة بالغة والأخير يحاول يائسا التخلص منها ، في حين انتفض الأسد فرمى به بعيدا قبل أن يستعيد (الرحالة) زمام أمره و يهب واقفا في ثبات ثم يحلق طائرا قبلما يهجم عليه،تعجب ،،"الأسد"  قائلا في قرارة نفسه: 
- لم يسبق لي أن واجهت خصما عنيدا كهذا من ذي قبل،و قال "الرحالة" وقد لاحظ تراجع "الأسد" وقلة حيلته لما قرأ ما بعيني الأخير من علامات و مؤشرات  و هتف في ظفر و تحد:
- إن كنت ملك الغابة فلست أنت الملك المتوج على عرش رحلتنا .
برقت عيني الأسد و كأنه قرأ التحدي بناظري الرحالة أيضا فهجم في وحشية منقطعة النظير ولكن في هذه المرة وجه اهتمامه و زحفه صوب (قبطان)  ، فبادله الأخير هجوما بهجوم،و الرحالة يخاف عليه و يزود عنه بالنفيس و الغال ، وسندباد يبلي بلاءا حسنا ...،أقبلت أسد الغابة بأسرها تزحف في وحشية مدافعة عن الأسد القائد في استماتة و تضحية فريدة من نوعها،فتأمل "الرحالة" المشهد في ذهول ،ليس ذهول خوف ،بل لتلك الوحدة و ذلك  الترابط حتى في مواجهة المنية من قبل وحوش يتحدون و يتفقون على مبدأ الافتراس حيث الجوع قد نظم صفوفهم ، وقال ضاحكا في سخرية وهو يمسك بسيفه البتار و رمحه النافذ:
- جيش جرار يا "قبطان"، وحوش تحاربنا و تعترض دربنا ظنا منها أن الغلبة لها ،و...
لم يكمل كلماته حين داعب مسامعه صوت كأنه يعهده، فالتفت فجأة صوب ذلك  الصوت القادم من السماء ،فإذ به صوت  عملاق مألوف في فضاء الكون يسري إليهم كمسرى الأمل والألفة بالنفس بالرغم من صخبه و علوه البالغين، صوت ( آلة الزمان ) وهي تشق الفضاء على تحليق قريب وبعيد  عجبب و مريب ،تتلون و تتشكل لتبلغ شتى الصور و الهيئات وتصحاها في ذهول أصاب الجميع ،وعلى متنها يهتف العالم الجليل في قوة و ثقة و عيناه تتعلقان "بالرحلة" و "قبطان" و" سندباد" ثم ينقلهما حيث تمركز الوحوش ويجول بهما الأفق ليستقرا على المغامرين الثلاثة مرة أخرى وبرفقتهم عتادهم و ذخائرهم،فدوى صوته وهو يردد  :
- نحن قادمون ...نحن قادمون ،اطمئنوا أصدقائي ، رحلة بلا حدود في الدرب اليكم ،بل في السماء ولتوها ستهبط ،و أطلق صوت ضحكة و قهقهة الظفر و الثقة في قوة صوتية لا تناسب عمره ،فقد بلغ من العمر عتيا ولا زالت روحه الخفيفة الظليلة تبعث الأمل و تهدي و تهب الفرح و الجمال،حتى غرد شاديا يقول و"قبطان" و "سندباد"  و"الرحالة" يتأملون الزحف الوحشي من الغابة تارة و المداعبة من جهة الرحلة و أفرادها تارة أخرى:
- قادمون صوب المنى و الغاب 
فلا تخافوا من الدجى أحبابي 
في ناظري أنا كم توقد أمل 
وفي رحمة الإله لائذ بالباب 
فلا تيأسن إذ الخطوب تحل 
ولا تخفن زمرة الأحباب 
فاليوم ظفر فيه برق السعد 
كمثل ماء في ذرى منساب 
في نهر نيل كم سبحنا و إن
في نهر نيل روعة الأنساب.
نظرت الأسود و الوحوش وقد تسمرت في مواضعها صوب ذلك الصوت ولم تتحرك قيد أنملة فيما تملك كائنات الرحلة ذهول عجيب...و... رحلة بلا حدود من مصر يؤلفها فقير إلى الله اسمه كامل حسانين...و...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدر المكنون بقلم الشاعر خالد محمد ابراهيم / سوريا .....

(( الدر المكنون )) راحت تغوص ببحــرها الهـــدار وتصــوغ درّا كامن الأســـــــرار وتفيضُ من درر الكلام عذوبـــة ملأتْ بقــــاع الأرض بالأخبــ...