(( لعبة الموت ))
البحر الكامل
ما كنتُ أعرفُ أيّ صوتٍ أسمعُ
بل أيّ ومضٍ في سمائي يلمعُ
وأظنُّ صوت الرعد يحدو بارقا
تنمو الزروعُ ويستفيضُ المرتعُ
فخرجتُ أنظرُ للسماء وما جرى
فإذا بها صحوٌ ونجمً يسطعُ
وفطنتُ أنّ مقامي في جمرِ اللظى
صوتُ المدافعِ بالقذائفِ يصدعُ
فيه المنايا قابَ قوسين سرتْ
تسطو مليّا تستهشُّ وتلسعُ
وتثيرُ في القلب المعنّى لوعةً
تُضني النفوسَ ويستثارُ المَدمَعُ
وسألتُ عنْ سرِّ الحدودِ بنهرنا
والكلُّ أحجمَ خائفا يتقوقعُ
فأجابني النهرُ الحزينُ بغلظةٍ:
أفلا ترى أنّي الحدودُ وتسمعُ؟
أنا ما خلقتُ لأنْ أكونَ مفرِّقا
فعلى ضفافي للأنامِ المَجْمَعُ
إنّي أنا الساجورُ للكرم انتخي
فسلوا قويقا حين غاضَ المَنبعُ
فلقد رفدتْهُ في سنين جفافهِ
ونمتْ ضفافهُ سُنبلا يترعرعُ
قد سال مائي في ربا شهبائِنا
أسقي العطاش بلا ثوابٍ يُدفَعُ
واليومَ حتى ضفتايَ تباغضتْ
لأكونَ حدّا قد يطولُ ويقطعُ
أبناءُ قومكَ ينهشونَ لحومهمْ
والحقدُ يفتكُ في النفوسِ ويقبعُ
واستطردَ النهرُ الكئيبُ مغاضِبا:
إنّي سأشهدُ عند ربّي وأدفعُ
أموالُكم دمعٌ تمازجَ في دمٍ
وأظنّكم في غيِّكم لنْ تشبعوا
تتساقطُ الأرواحُ دونَ جريرةٍ
وأنا أرى طبّاخَكم يَستمتعُ
سالتْ نفوسُ البائسين بظلمِكمْ
تشكو الإلهَ وتستغيثُ وتهْلعُ
خلّوا سبيلي واجعلوني نعمةً
أشدو بطيري للسلامِ وأجمعُ
تنمو الزهورُ في رحابي جنّةً
وأنا عرفتمْ ، لا أشطُّ وأمنعُ
بل فاسألوا حتى الكهوفَ تجيبكمْ
كمْ مرَّ قومٌ في رُبايَ وأسرعوا
فخريري ينعشُ في الصباحِ مسامِعا
تهفو إلى طيبِ الوئامِ وتقنعُ
لا زلتُ أروي زرعَكُم من دمعتي
حتى تؤوبوا لرُشدِكم أو تهجعوا
...........................................
الساجور: نهر من روافد الفرات
قويق: نهر يمر بمدينة حلب
(معلومة) رفد الساجور لنهر قويق بقناة:
موجودة في كتب التاريخ
الشاعر خالد محمد إبراهيم/سوريا
التوخار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق