عشقتك...
قد تلوت على أطلالك ذكرا
وقد نثرت رماد عشقك نثرا
أيّام ذاريات عصفت بالكرى
لتنحر النّوم من جفني نحرا
لم تذر في مُقلي أدمع، ولم
يفارقني أنين أو نواح شبرا
إنّي مُعنّى القلب والجسد، و
فراقك بات يساومني قصرا
يسلبني حنيني للقياك عقلي
فينبذني قلبي غصبا وزجرا
هزّتني منك صرخة مدوّية،
فلم أراعي نصحها ولا نذرا
صرت كأعجاز نخل خاوية
فأحرضني حبّك وصار وزرا
حتّى كدت أن أموت بفرط
هواك، ويوارى جثماني قبرا
منذ زمن يجري حبّك بدمي
فصار إكسير حياتي ونصرا
لهفي عليك، ما أدركت أنّي
مقيّد بالعذاب والغرام دهرا
تلك أنقاض ذكريات أواريها
أُمَنّي نفسي بوصالك صبرا
كم بنينا بين النّجوم قصورا
وفي عينيك نور كان بدرا
وعدونا على ضفاف الغرام
ليجذبنا سحرها فصار جسرا
تعبر من فوقه أحلامنا، ثمّ
تطير كعصفور بات فينا حرّا
وارتمينا على شاطئ النّسيان
نتوارى بين أشجار وصخرا
والتففنا بين أحضان النّسيم
واعتنقنا، واشتممنا منه عطرا
ثمّ رقصنا على أنغام أمواج
لتعزف لنا من كلّ شعر بحرا
واسترقنا من ذاك النّعيم خلوة
واستفقنا بعدها واليوم فجرا
يا قاتلتي، رفقا بصبّ بعينيك
فقد كان يرجو منك حبّا وبِرّا
كنت أسعى لإرضائك دوما
وكنت أخاف ظلما وهجرا
بتّ لا أرى في هواك مستقرّا
ولا لهجرانك سببا أو عذرا
حتّى أحاسيسك لم تعد ليّنة
وصار قلبك قاسيا وحجرا
ما عاد جسمي يحتمل ظلمك
وقد رفعت من شأنك قدرا
ذاك الهوى العذريّ أريده لك
نقيّا لا تعلوه شبهة ولا نكرا
سوف أحلّق من جديد فوق
رياح الشّوق وسأعيش نسرا
سوف أكسر حاجز الخوف و
يكون سمعي أصمّا وبه وقرا
حتّى لا تراودني فيك كلمات
تذكّرني بما مضى وبات كُدْرا
أو تخالجني نبرات صوتك، و
هماساته فتأخذ روحي حصرا
لن استسلم ولن أرضخ لقوامك
فما عدت أطيق ظلما ولا قهرا
إنّي نذرت نذرا بأن لا أعشق
مجدّدا فقد أصبح عندي خبرا
سوف اواري حزني عن شامة
حقود، أو يسمع للساني شكرا
سحقا لوشاة ما تركوا على هذه
الأرض حبّا بريئا إلاّ رموه كفرا
عشت أيّامي جراحا ووعودا، و
أمانيّ صارت لي شرّا لا خيرا
معذرة منّي إليك، قد نحرت
على مذبح معبدك كلّ بشرى
قد يسوق الزّمان منك أمل
ويزرع ببساتين فؤادك بذرا
عشت آمالا أراعيها، وأسقيها
نبيذ أشعاري ليس فيه سكرا
صافيا من كلّ خبث، كالماء
زلال، وقد قطّرته بيدي قطرا
ما خنت قطّ هواك ولو بنظرة
وكنت أرجوه ربّي لك سترا
أن يجعل حبّي، دون ناشبة، و
تعود أيّامنا بعد عسر يسرا.
ا---------------ا
من قلمي: كريم الدين مصباح
السبت ١٨ رجب ١٤٤٣
الموافق ل ١٩ فيفري ٣٠٢٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق