الأحد، 30 يناير 2022

الموت بين الجليد بقلم الشاعر د. محمد الإدريسي

المَوْتُ بَيْنَ الجَلِيدِ و الخَيْمَة
القاتِلُ الصَّامِتُ لِلأجْسامِ النَّحِيلَة
الثَّلْجُ طَمَسَ جَمالَ وُرُودِ الحَدِيقَة
مُخَيَّماتُ اللاَّجِئِين المَوْتُ بالدَّقِيقَة 
الأطْفالُ فيها يَتَساءَلُونَ ما الجَرِيمَة

صِبْيانٌ حُفاةٌ لَوْعَةُ الأوْجاعِ الشَّدِيدَة
بَيْنَ قَسْوَةِ بَرْدِ صَقِيعِ الأيّامِ الشَّتْوِيَّة
فِيها يَنْتَعِلونَ يَلْتَحِفونَ ثُلوجَ الأُمْسِيَّة
في زَمَنٍ تَلَطَّخَتْ بالعارِ هَذِه البَشَرِيَّة

أجْثاثُ القَتْلَى علَى المَوائِد الاِنْتِهازِيَّة 
تَحْتَ اِشْرافِ قَوانِينِ الخِزْيِ الدَّوْلِيَّة 
المُشَرَّدون مِنْ أوْطانِهِم بِأمْرِ الطَّاغِيَة
رَأَيْتُ خِيامًا تَتلاَعَبُ بِها الرِّياحُ القَوِيَّة

لَمْ تَصْمُدْ أمامَ هَبِّ الرِّيحِ أوْتادُ الأخْبِيَة
وَقَعَتْ عَلى رَأسِ الثَكالَى فَجْرَ الجُمُعَة 
بَعْدَ الظُّهرِ صَلاةُ الجَنازَةِ علَى الضَّحِيَّة
المَوْتُ يَتَغَذَّى بأجْسامٍ أدْرَكَتْها المَنِيَّة

وَجَدَتْ بَيْنَ خِيامِ المُشَرَّدِينَ الشَّهِيَّة  
ما عادَتْ تَخْشىَ تِلْكَ الأيادِ الخَفِيَّة
أنْ تُفْضَحَ جرَائِمُها أمامَ عُيونِ البَرِيَّة
خَطَّطَتْ نَفَذَّتْ كُلَّ الأعْمالِ الدَّنِيَّة

بَعْدَ الطِّينِ الثُّلوجُ بِالأقْدامِ المُجَمَّدَة
اِزْرَقَّتْ أصابِعُ أيادِي الصِّبْيَةِ المُنْتَفِخَة
لا قِطْعَةُ ثَوْبٍ تُدْفِئُ إلاَّ ثَوْبُ الكَرامَة 
أَصْبَحَتْ الآلَامُ سُوقًا تَكْتَسِحُ التِّجارَة

تُنْقَلُ يَومِيًّا مَرّات عَدِيدَة علَى الشَّاشَة
علَى مَرْأىً و مَسْمَعٍ ما يُسَمّى الإنْسانِيَّة
تَبًّا لِمَنْ اِنْعَدَمَتْ عِنْدَهُمْ النَّظْرَةُ الحَقِيقَيَّة  
لِما يَجْرِي حَوْلَهُمْ مِنْ ِالانْتِهاكاتِ الوَحْشِيَّة

دُموعُ دَمِ القَلْبِ اِنْهَمَرَت لَعَنَت الهَمَجِيَّة
قَدْ تَكونُ دِفْئًا سَلامًا على الرُّوح الشَّجِيَّة
فالنَّفْسُ تَبْكِي علَى مَا أصابَ أهْلَ الصَّبِيَّة
اِعْتَذرَ اللِّسانُ لا يَدْري عَنِ المظالِم الخَفِيَّة 
 
جَفَّتْ كُلُّ العُيونِ فَبَكَتْ القُلوبُ الحَنِينَة
نُفوسٌ فَرَّتْ مِنَ القَهْر تَبْحَثُ عَنِ السَّكِينَة
جَلِيدٌ ثَلْجٌ أبْيَضٌ قاتِلٌ أزْهَقَ الأرْواحَ الثَّمِينَة
الجُفُونُ أبَتْ النَّومَ رَأتْ على الثَّلْج الحَزِينَة

لَيْلٌ أسْوَدٌ قَارِسٌ عَلَى صَهْوَةِ فَرَسِ الفَجِيعَة
بِدُونَ أكْفانٍ المَوْتى بَيْنَ الجَلِيدِ و الخَيْمَة
يَنْحَني قَلَمي إِجْلالاً لِيُقَبِّلَ الأقْدامَ الصَّغِيرَة
مَعَ الأقْدامِ الزُّرْقِ الحافِيَةِ المُجَمَّدَةِ الكَبِيرَة
طنجة 27/01/2022
د. محمد الإدريسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدر المكنون بقلم الشاعر خالد محمد ابراهيم / سوريا .....

(( الدر المكنون )) راحت تغوص ببحــرها الهـــدار وتصــوغ درّا كامن الأســـــــرار وتفيضُ من درر الكلام عذوبـــة ملأتْ بقــــاع الأرض بالأخبــ...